أخبار ألمانيا

هل يعود التجنيد الإجباري في ألمانيا؟ آخر قرارات وزارة الدفاع والتطورات الجديدة

التجنيد في ألمانيا 2025: هل تعود الخدمة العسكرية الإلزامية قريبًا؟

مقدمة

يعيش الشارع الألماني منذ مطلع عام 2024 وحتى خريف 2025 حالة من الجدل المتصاعد حول قضية عودة التجنيد الإلزامي، أو ما يُعرف في ألمانيا بـ Wehrpflicht. فبعد أكثر من عقد على إيقاف التجنيد، بدأت الحكومة الألمانية مجددًا بمناقشة إعادة تفعيله، وسط تصاعد التوترات الأمنية في أوروبا، والنقص الكبير في أعداد الجنود داخل الجيش الألماني (البوندسفير).

خلفية تاريخية: من الإلغاء إلى النقاش من جديد

بدأ التجنيد الإلزامي في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية واستمر حتى عام 2011، حين قررت حكومة أنغيلا ميركل تعليقه رسميًا.
لكن من المهم أن نعرف أن هذا الإجراء لم يكن إلغاءً كاملاً، بل تعليقًا للتنفيذ فقط. فالقانون الدستوري الذي يجيز التجنيد ما زال موجودًا في المادة 12 من الدستور الألماني، ويتيح للحكومة إعادة تطبيقه في أي وقت تراه ضروريًا لأمن البلاد.

الأسباب وراء عودة النقاش حول التجنيد

خلال العامين الأخيرين، تصاعدت عدة عوامل دفعت برلين إلى إعادة النظر في فكرة التجنيد:

  1. نقص حاد في عدد الجنود: يبلغ عدد أفراد الجيش الألماني حالياً نحو 180 ألف جندي فقط، بينما تسعى وزارة الدفاع إلى رفع العدد إلى أكثر من 260 ألف جندي بحلول عام 2030.
  2. تحديات الحرب في أوكرانيا: الأزمة الروسية الأوكرانية جعلت ألمانيا تدرك ضعف قدرتها الدفاعية مقارنة بجيرانها في الناتو.
  3. الاعتماد المفرط على المتطوعين: تجربة السنوات الماضية أظهرت أن التطوع وحده لا يكفي لسد النقص الكبير في الكوادر العسكرية.
  4. تزايد التوترات العالمية: مع تصاعد المخاطر في أوروبا الشرقية وبحر البلطيق، ازدادت الدعوات لتقوية البنية الدفاعية.

مشروع “الخدمة العسكرية الجديدة”

تحت ضغط هذه التطورات، أعلن وزير الدفاع الألماني بوريس بيستريوس عن خطة شاملة سُمّيت بـ “الخدمة العسكرية الجديدة” (Neuer Wehrdienst)، وهي تهدف إلى إنشاء نظام دفاعي مرن يجمع بين التطوع الجزئي والاستدعاء الإلزامي عند الضرورة.

أبرز ملامح المشروع:

  • الخدمة ستكون في البداية تطوعية بالكامل، مع حوافز مالية وتعليمية.
  • المدة المقترحة للخدمة تتراوح بين 6 و23 شهرًا.
  • من يخدم فترة أطول يحصل على مزايا إضافية مثل تدريب مهني، ورخص قيادة، ودورات لغوية.
  • ستُعاد الفحوص الطبية الإجبارية (Musterung) للشباب الذكور عند بلوغ 18 عامًا، وذلك ابتداءً من عام 2028، حتى في حال عدم رغبتهم في التطوع.
  • الهدف من هذه الفحوص هو إعداد قاعدة بيانات وطنية لتحديد الجاهزية البدنية والمهارية للشباب، تحسبًا لأي تعبئة مستقبلية.

التجنيد الإلزامي… خيار احتياطي محتمل

رغم أن الحكومة الألمانية تؤكد أن النظام سيبقى تطوعيًا في المرحلة الأولى، فإنها لا تستبعد فرض تجنيد إلزامي جزئي في حال لم يتحقق العدد المطلوب من المتطوعين.
وفي هذه الحالة، سيكون القرار بيد البرلمان الألماني (البوندستاغ)، الذي يجب أن يصادق رسميًا على أي إعادة تفعيل شاملة للتجنيد.

الجدول الزمني لتطورات القضية

السنةالتطور الرئيسي
2011تعليق التجنيد الإلزامي رسميًا في ألمانيا.
2023تصاعد النقاش السياسي حول ضعف الجيش الألماني.
2024وزير الدفاع يعلن خطة “الخدمة العسكرية الجديدة”.
منتصف 2025الحكومة توافق على مسودة قانون الخدمة الجديدة.
خريف 2025تأجيل مناقشة القانون في البرلمان لإجراء تعديلات إضافية.
2026 (المتوقع)بدء تنفيذ التجنيد الجديد بنظام التطوع والفحص الصحي الإجباري.

المواقف السياسية في ألمانيا

  • الحزب الاشتراكي الديمقراطي (SPD)، الذي يقود الائتلاف الحاكم، يدعم فكرة “التجنيد الطوعي الموسّع” بدلاً من الإلزام الكامل.
  • الاتحاد المسيحي الديمقراطي (CDU) بزعامة فريدريش ميرتس، يدعو إلى إعادة التجنيد الإلزامي الشامل لجميع الشباب، وحتى للنساء، على غرار بعض الدول الإسكندنافية.
  • حزب الخضر يرى أن الحل هو التركيز على تحسين ظروف الخدمة وتطوير التكنولوجيا العسكرية.
  • اليسار الألماني (Die Linke) يطالب بإلغاء مادة التجنيد من الدستور نهائيًا، معتبراً أن التجنيد الإجباري يتعارض مع الحرية الشخصية.

ما الذي يعنيه ذلك للشباب في ألمانيا؟

إذا تم تطبيق الخطة الجديدة، فسيُطلب من الشباب عند بلوغهم 18 عامًا:

  1. تعبئة استبيان حول قدراتهم ورغبتهم في الخدمة.
  2. الخضوع لفحص صحي إلزامي لتقييم اللياقة البدنية.
  3. إمكانية التطوع في الخدمة العسكرية أو المدنية (مثل العمل في المستشفيات أو الدفاع المدني).

وفي حالات الطوارئ، يمكن أن يتحول هذا النظام إلى تجنيد إلزامي جزئي لتغطية احتياجات الجيش.

هل ستكون الخدمة للرجال فقط؟

النقاش ما زال مفتوحًا. رغم أن الخطط الحالية تركز على الذكور، إلا أن بعض السياسيين — مثل ميرتس — طرحوا فكرة الخدمة الإلزامية للجميع، رجالًا ونساءً، بهدف تحقيق المساواة وتعزيز روح المسؤولية الوطنية.

الرأي العام الألماني

استطلاعات الرأي الأخيرة أظهرت أن نحو 60% من الألمان يؤيدون إعادة شكل من أشكال التجنيد، خصوصًا في ظل المخاوف الأمنية المتزايدة، بينما يرى الشباب أن الأفضل هو نظام تطوعي مرن يتيح فرصًا للتعلم والتطوير دون إلزام قسري.

رغم عدم صدور قانون رسمي حتى الآن، فإن جميع المؤشرات تدل على أن ألمانيا تسير نحو إعادة التجنيد بشكل تدريجي.
لن تكون العودة فورية أو إجبارية كما كانت قبل 2011، بل ستأتي على مراحل، تبدأ بالتطوع والفحص الصحي وتنتهي — إذا اقتضت الحاجة — بنظام إلزامي جزئي.
بكلمات أخرى، التجنيد في ألمانيا لم يعد قضية من الماضي، بل أصبح جزءًا من نقاش المستقبل.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم مانع أعلانات

الرجاء أيقاف مانع الأعلانات ليظهر لك الموقع مع تحيات فريق عمل ألمانيا بالعربي